مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية
مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية
مقدمة:
مساهمة المغرب إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية كانت كبيرة وفعالة
ومهمة لنيل أوربا النصر وهزيمة الديكتاتوريات الفاشية الإيطالية والنازية
الألمانية٬ لكن المغرب تضرر كثيرا جراء هذه المساهمة بشكل كبير في العديد من
المجالات٬ وبهذا ظل تابعا لفرنسا بسبب الاستيراد.
- فما موقف المغرب بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية؟
- وما مظاهر مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء؟
- وما نتائج وحصيلة المشاركة المغربية في الحرب العالمية الثانية؟
تعريف بالحرب العالمية الثانية:
الحرب العالمية الثانية هي
نزاع دولي بدأ في 7 يوليوز 1937في أسيا و1 سبتمبر 1939 في اوروبا وانتهت الحرب في
عام 1945 باستسلام اليابان، تعد الحرب العالمية الثانية من الحروب الشموليةً
وأكثرها كُلفة في تاريخ البشريةً لاتساع بقعة الحرب وتعدد مسارح المعركة، فكانت
دول كثيرة طرفاً من أطراف النزاع. فقد حصدت الحرب العالمية الثانية زهاء 60مليون
نفس بشرية بين عسكري ومدني.
تكبّد المدنيون خسائر في
الأرواح إبّان الحرب العالمية الثانية أكثر من أي حرب عرفها التاريخ، ويعزى السبب
لتقليعة القصف الجوي على المدن والقرى التي ابتدعها الجيش الالماني على مدن وقرى
الحلفاء مما استدعى الحلفاء الرّد بالمثل، فسقط من المدنيين من سقط من كلا
الطرفين. أضف إلى ذلك المذابح التي ارتكبها الجيش الياباني بحق الشّعبين الصيني
والكوري إلى قائمة الضحايا المدنيين ليرتفع عدد الضحايا الأبرياء والجنود إلى 51
مليون قتيل، أي ما يعادل 2% من تعداد سكان العالم في تلك الفترة! عالم من الخراب
في نهاية الحرب، كان هناك ملايين اللاجئين المشردين، إنهار الاقتصاد الأوروبي ودمر
70% من البنية التحتية الصناعية فيها.
موقف المغرب بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية:
تميز موقف السلطان سيدي محمد
بن يوسف بالعودة الى المساندة الكاملة لفرنسا والحلفاء لكل ما لدى المغرب من وسائل
للقضاء على الاضطرابات وتعميم اطمئنان القلوب.
يرجع سبب مساندة السلطان محمد
الخامس لفرنسا والحلفاء الى انا المغرب كان في تلك الفترة تحت الحماية الفرنسية.
اتخذ نوغيس المقيم العام الفرنسي
بالمغرب موقف محاديا لدخول المغرب الى الحرب بجانب الحلفاء لخضوعه لحكومة فيشي
بباريس الخاضعة بدورها لألمانيا.
كرد فعل قامت القوات الفرنسية الموالية
لحكومة فيشي بمقاومة الحلفاء عند نزولهم في الشواطئ المغربية في 8 نوفمبر 1942
حاول نوغيس نقل السلطان
وحكومته الى مكناس.
كنتيجة لذلك نشا خلاف بين
السلطان محمد الخامس والجنرال نوغيس بسب ذلك التصرف ورفض الملك ان يبتعد عن عاصمته
البلاد ومقر حكومته فكان موقف المغرب منطقيا مع خطة التضامن مع فرنسا ضد النازية
تميز موقف السلطان بالثبات على
جعل الحلفاء مند اندلاع الحرب العالمية الثانية حتى نهايتها والدليل على دلك استضافة
المغرب للقاء انفا سنة 1943م كمساندة دبلوماسية للحلفاء.
مظاهر مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء:
المساهمة العسكرية المغربية:
التحقت فرق عسكرية مغربية من
الرماة والمدفعية والهندسة بالجبهات الحربية الأمامية لقتال الفاشية والنازية في
منطقة الجزائر وتونس والبحر الأبيض المتوسط، وفي الأراضي الأوروبية بدءا بصقلية
وايطاليا ثم فرنسا وبلجيكا وألمانيا …، في الجبال (جبال الألب) والأودية (السين،
والراين، والدانوب)، وفي ظروف مناخية قاسية (برد، وثلوج …)، وقد أبان الجنود
المغاربة عن شجاعة حربية عالية اعترف بها الأعداء والحلفاء، حيث وقعوا على مشاركة
فعالة في مختلف جبهات القتال (الجبهة المتوسطية، الجبهة الغربية …الخ)، بحيث تمكنت
فيالقهم العسكرية من المساهمة في تحرير إيطاليا من النظام الفاشي، وتحرير فرنسا
والتوغل في عمق التراب الألماني وأسر 1500 جندي نازي، وتقديرا للتضحيات العسكرية
الجسيمة للمغاربة (2883 قتيلا، وما يفوق 12495 جريحا، ومفقودين) توج الجنرال “شارل
ديغول” (Charles de Gaulle) السلطان “محمد الخامس” بوسام
تقدير كـ “رفيق التحرير”، وحضي الجنود المغاربة بالتنويه على شجاعتهم اثر مساهمتهم
إلى جانب الحلفاء لتحرير أوربا من الديكتاتوريتين النازية بألمانيا والفاشية
بإيطاليا.
المساهمة الاقتصادية التي قدمها المغرب للحلفاء:
جسد خطاب السلطان محمد الخامس
الانطلاقة الفعلية للدعم المادي المغربي لفرنسا، حيث كثف من صادراته الفلاحية
كالحبوب والقطاني والفواكه إضافة إلى الخضروات والمواشي نحو فرنسا، وقد ساهم
المغاربة ماليا من خلال الاكتتابات والتبرعات تحت أسماء ومسوغات مختلفة:
• الإخاء الحربي: لجنة تأسست
لدعم المجندين والأسرى وأسرهم والضحايا.
• الإنقاذ الوطني: لتقديم
المساعدات للسكان المدنيين المتضررين من الحرب.
• كناش الغائب: تكلفت بتخصيص
دفتر للادخار الشخصي للغائبين قصد الاستفادة منها بعد عودتهم (وصلت قيمة
الاكتتابات أكثر من 5 مليار فرنك، بالإضافة إلى ريع الطوابع البريدية … الخ
وقد ساهم المغرب مساهمة
اقتصادية مهمة في الحرب إلى جانب الحلفاء، فقد قام بتزويد فرنسا بالمنتوجات
الفلاحية 22.50% من الإنتاج الإجمالي من البواكر، و7.44 مليون طن من البطاطس،
و32.21% من المواشي (مليون رأس …) كوسيلة لسد حاجيات فرنسا الأساسية٬ وساهم المغرب
في ذلك بشكل كبير لتلبية حاجياتها مما أثر سلبا على الاقتصاد المغربي، حيث ارتفعت
نسبة الصادرات واستنزفت الموارد المغربية، وتبرعت مختلف الفئات الاجتماعية لصالح
فرنسا بمبالغ مرتفعة منها׃
• تبرع السلطان ب 50.000 فرنك.
• تبرع أعضاء المخزن (الهيئات
الوزارية والكتبية) ﺒ 40.000 فرنك.
• تبرع السكان.
نتائج المشاركة المغربية في الحرب العالمية الثانية:
لحق المغرب خسائر متعددة في
مختلف المجالات׃
• الخسائر بشرية׃ حوالي 2883 قتيلا، و12495
جريحا، و474 مفقودين من الجنود المغاربة.
• الخسائر الاقتصادية׃ تضرر الاقتصاد المغربي بسبب
ارتفاع الصادرات الفلاحية والمواد الأولية نتج عنه نقص حاد في المواد الاستهلاكية
الأساسية، وارتفاع الأسعار (اضطر السكان إلى تناول جذور بعض النباتات) ، مما دفع
إلى تقنين توزيع المواد الاستهلاكية اعتمادا على نظام الحصص (عام البون).
ورغم تكبد المغرب كل هذه
الخسائر، وفي مجالات متعددة إلا أن مشاركة المغرب ساهمت في تحرير أوربا من سيطرة
الأنظمة الديكتاتورية الفاشية والنازية، وجسدت تضحية غالية من طرف المغرب لترسيخ
قيم السيادة والعدالة والحرية والسلم والديمقراطية، ووشحت صدور المغاربة بأوسمة
الشرف والشجاعة، واعتبر قائد البلاد محمد الخامس رمز الحرية ورفيق التحرير
حصيلة المساهمة المغربية في الحرب العالمية الثانية:
رغم الخسائر التي لحقت
بالاقتصاد المغربي، ورغم الخسائر البشرية في صفوف جنوده، قتلى2883، وجرحى 12495،
ومفقودين 474، فان المشاركة المغربية ساهمت في تحرير أوربا من سيطرة الأنظمة
الديكتاتورية الفاشية والنازية، وجسدت تضحية غالية من المغرب لترسيخ قيم السيادة
والعدالة والحرية والسلم. ووشحت صدور المغاربة بأوسمة الشرف والشجاعة، واعتبر قائد
البلاد السلطان محمد الخامس رمز الحرية ورفيق التحرير.
القليل من شعوب الدول الأوربية
يدري الدور الذي قام به المغرب لتحرير دول أوربا والمشاركة الفعالة التي قام بها
الجنود المغاربة طوال هذا الحرب. وهذا يرجع للأسف إلى حكومات هذه الدول وإلى مؤرخو
التاريخ آنذاك والذين لم يعطوا الأهمية في تعريف شعوبها على هذا الدور الهام الذي
ساهم في تحرير هذه الدول من النازية والفاشية.
فرغم وجود المغرب تحت وطأة
الحماية الفرنسية في الوقت التي اندلعت الحرب النازية في أوربا، كان المغفور له
محمد الخامس يتوفر على جيش كبير من المغاربة الغيورين على وطنهم والذين كانوا
يناضلون من اجل استقلال المغرب من الحماية الفرنسية والاستعمار الإسباني أجمد هذا
النضال وانحاز إلى قوات الحلفاء ضد النازية والفاشية. فعندما احتل الألمان فرنسا
في شهر يونيوا 1940 احتفل بعض المغاربة بهزيمتها، وطالبوا بمحالفة ألمانيا بالقول
المأثور " عدو العدو صديق"، ولكن السلطان محمد الخامس كان أبعد نظرا
وأعلم بالأمور، وفضل الوقوف إلى جانب الحلفاء الملتزمون بالديموقراطية التي
كان رحمه الله مؤيدا لها ضد الديكتاتورية النازية وكثير من يتذكر مؤتمر أنفا في
يناير 1943 بالدار البيضاء الذي حظره كل من جلالته المغفور له محمد الخامس والرئيس
الأمريكي فرانكلين رزسفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون شيرشل والجنرال ديغول
واعترافا وتعزيزا للدور الذي
قام به المغاربة وسلطانهم محمد الخامس طوال هذا الحرب. وشحه الجنرال ديغول يوم
احتفال فرنسا باستقلال بلدها في 18 يوليوز 1945 بساحة الايليزي بباريس بوسام رفيق
التحرير وكان جلالته الوحيد من غير الفرنسيين الذي نال هذا الوسام. وبهذه المناسبة ألقى الجنرال ديغول كلمة قال فيها:
"جلالة الملك محمد الخامس أنني أقدم في شخصكم جزيل الشكر للشعب المغربي
الباسل إثر عزيمتكم القوية ومساعدتكم لنا، فلولاكم يا صاحب الجلالة ولولا جيشكم
الشجاع لما حررت بلادي من النازية الألمانية"
واثر مأدبة عشاء التي نظمها
روزفلت يوم انعقاد مؤتمر أنفا بالدار البيضاء في 22 يناير 1943 التي حظرها كل من
رئيس الوزراء البريطاني و ونستون شيرشل والجنرال ديغول والذي دعا الحضور إليها كل
من محمد الخامس وولي عهده آنذاك صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما
اغتنم المغفور له محمد الخامس هذه الفرصة للإعراب للرئيس الأمريكي عن رغبة بلاده
الملحة في الحرية والاستقلال. وفي هذا الصدد ذكره الرئيس روزفلت بأن المغرب كان
أول دولة في العالم اعترفت باستقلال الولاية المتحدة عن بريطانيا ووعده بمساعدة
المغرب على نيل استقلاله بعد نهاية الحرب ضد النازية مباشرة.
خاتمة:
انتصر الحلفاء على الألمان
وبدأت الدول الأوربية في إعادة بناء وتشييد ما هدم وخرب، لم تعد أي دولة تفكر فيم
وعدت بها المغرب ألا وهو منحه الاستقلال بعد انتهاء الحرب مباشرة وضل 12 سنة يدافع
ملكا وشعبا حتى ناله واستعاد حريته يوم 18 نوفمبر 1956.
0 Response to " مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية"
إرسال تعليق